لنتذكر علاء محمد البكري

توفي رجل سوري يدعى علاء محمد البكري في 2 سبتمبر أيلول 2021 في جزيرة صغيرة في نهر إيفروس بعد اجباره على العودة بعنف إلى تركيا بدلاً من نقله إلى المستشفى. وكان عمره 30 عامًا عندما توفي مخلفا زوجة وطفلين.

في عام 2021، قمنا بنشر تقرير كامل. باختصار: في 30 أغسطس آب 2021، قام هاتف الإنذار بإبلاغ السلطات اليونانية بأن رجلاً يحتاج إلى الرعاية الطبية الفورية على بعد حوالي 50 كم من الحدود اليونانية التركية. بعد ثلاثة أيام، في 2 سبتمبر أيلول تلقى هاتف الإنذار بلاغاً بوجود جثة في الجزيرة في نهر إيفروس. كان هاتف الإنذار قد تلقى صور الشخص في كلتا الحالتين وأمكننا التأكد بأنه نفس الشخص. وعلى الرغم من حاجته إلى الرعاية الطبية بشكل واضح وعلى بعد حوالي 50 كم من الحدود، تمت إعادته بالاكراه إلى الحدود من قبل حراس الحدود اليونانية ولذلك يجب محاسبة المسؤولين عن هذا القتل!

لكن العدالة لا تزال غائبة للأسف.

والأسوأ من ذلك أنه منذ ذلك الحين توفي العديد من الأشخاص عند هذه الحدود الرهيبة التي تفصل تركيا عن أوروبا – بإجبار اللاجئين بالعودة وإساءة معاملتهم، ورفض تقديم الرعاية الطبية من قبل السلطات اليونانية.

كانت لدى هؤلاء الأشخاص حياة وقصة وأحلام. أصدقاء وعائلة يتذكرونهم ويفتقدونهم ويحزنون عليهم كل يوم ولذلك لن ننساهم أبدًا!

يفكر بكري البكري بشقيقه كل يوم منذ الثاني من سبتمبر أيلول 2021.

بقينا على تواصل مع بكري، شقيق علاء، وحاولنا تنظيم المساعدة القانونية للشروع في إجراءات قضائية ضد السلطات اليونانية التي دفعته إلى جزيرة صغيرة في نهر إيفروس، حيث توفي محمد، بدلاً من نقله إلى المستشفى حيث كان مريضاً جداً لدرجة أنه لم يستطع التحدث أو التحرك وكان يتنفس بصعوبة شديدة. ولكن للأسف، عندما أدرك بكري والمحامي أن الأدلة غير كافية، تراجعوا عن قراراهم بتقديم دعوى قضائية.

تم وصف هذه القصة بدقة بالغة، وتتوافق تفاصيلها مع أوصاف قصص أخرى تتعلق بأفعال حراس الحدود ومع العديد من التقارير التي تصف اجبار اللاجئين بالعودة إلى الشواطئ والأراضي التركية، وسوء المعاملة والقتل الممنهج الذي يتعرضون له. لكن ذلك لا يكفي للأسف في كثير من الأحيان، ويشكل ذلك صفعة أخرى في وجه ذوي القربى الذين يتوقون للعدالة.

تحدثنا مع بكري مرة أخرى في بداية فبراير 2023.  وحدثنا بأنه لن يتراجع أمام هذا التعسف والظلم الذي تعرض له شقيقه:

لا، لن تكون هناك عدالة حتى يمكننا على الاقل الاستماع إليه:

“قبل أكثر من عام، غادر أخي إلى اليونان بنية العمل وكسب المعيش وفي الطريق، في الغابة، تعرض لإصابة وتخلّى عنه أصدقاؤه على الرغم من اتفاقهم على البقاء معًا مهما حدث.  لقد كان وحيدًا في الغابة لمدة أربعة أيام، طالبًا الدعم والمساندة دون جدوى، حتى وجدته مجموعة من الناس. كان مرهقًا، وقدموا له الطعام وأخذوه إلى طريق معبد ليتمكن رجال الشرطة اليونانية من العثور عليه ولتقديم العلاج الطبي اللازم له وعندما عثر عليه رجال الشرطة اليونانية، اقتادوه إلى السجن ولم يمنحوه حتى الرعاية الطبية التي كان يحتاجها بل على العكس فقد تم تعذيبه وسرقة ممتلكاته وتركه بالقرب من نهر إيفروس بلا رحمة، وكأن ما حدث له كان غير كافٍ. كان الجو بارداً وتحمل الكثير قبل أن يموت. وجده بعض الأشخاص العابرين في النهر ميتاً. نقلوه إلى المستشفى في إدرنة في تركيا، حيث دُفِن في وقت لاحق.

لبدء التحقيق القانوني، طلبت السلطات اليونانية شهوداً من الأشخاص الذين كانوا معه، لكنهم يعلمون أن الشهود لا يستطيعون دخول اليونان لأنهم لا يمتلكون الوثائق اللازمة.

أريد أن أُحمل الشرطة اليونانية مسؤولية ما حدث لأخي. أنا أعيش في سوريا ولا أستطيع السفر إلى اليونان بسبب وثائقي وتكاليف السفر الباهظة بالإضافة إلى أن مشفى إدرنه رفضت حتى مجرد إعطائي تقرير الطبيب الشرعي بدون وجودي شخصيا هناك، على الرغم من علمهم بأنني لا أستطيع السفر ودخول الأراضي التركية. وعلى الرغم من أنني أمتلك الكثير من الأدلة والشهود لكن لا يمكنني للأسف القيام بالكثير.

أناشد أصحاب الضمير، والنظام القضائي، ومنظمات حقوق الإنسان، لمساعدتي في الحصول على العدالة لأخي.”

علاء محمد البكري، أنت حي في ذكرانا.

سنتذكرك و لن ننساك أبداً.

فلنردد اسمه: علاء محمد البكري!