خلال الثلاثة اﻷيام الماضية، تم انقاذ أكثر من ١٠,٠٠٠ مسافرًا في البحر اﻷبيض المتوسط من على متن قوارب غير آمنة تواجه الغرق، كما تم التأكيد على وقوع حادثتين فاجعتين. ففي يوم اﻹثنين فقط، تم انقاذ ٥٠٠٠ شخصًا، بينهم أطفال، قبالة السواحل الليبية، ولولا تواجد المنظمات غير الحكومية، وتنفيذها مهمات البحث واﻹنقاذ قدر استطاعتها وفي مقدار حدودها لكنا رأينا آلاف الغرقى، ولولا الجهود الحثيثة التي تقوم بها تلك الجهات ﻹنقاذ البشر لكنّا سمعنا عن العديد من حوادث انقلاب السفن وتحطمها وحالات الموت الجماعي في البحر.
منذ يوم السبت الماضي (٢٤ يونيو ٢٠١٧) تعاملنا بشكل يومي – كمجموعة “هاتف اﻹنذار” – مع حالات طوارئ حرجة ﻷشخاص مسافرين على متن القوارب في وسط البحر اﻷبيض المتوسط . وفي يوم اﻷثنين الموافق ٢٦ يونيو ٢٠١٧، كنا نتتبع ونتواصل مع إحدى ركاب القوارب التي في محنة والذين فقدوا اتجاههم وضلوا المسار في البحر، ولايزال مصيرهم مجهولًا. ففي ظهر ذلك اليوم، اﻹثنين/ ٢٦ يونيو، قامت بعثة “مونبيرد“ – وهي بعثة استطلاع محمولة جوًا أطلقتها منظمة “سي ووتش” غير الحكومية اﻷلمانية بالتعاون مع “مبادرة الطيارين الإنسانيين” السويسرية – بإبلاغ فريقنا المناوب عن قارب كان يحمل نحو ١٦٠ شخصًا، وطلبت البعثة منّا إبلاغ مركز تنسيق الانقاذ البحرى فى روما (MRCC) ومطالبتهم بإجراء عملية الإنقاذ. منذ ذلك الحين وحتى الساعة الخامسة مساء، أجرينا عدة مكالمات هاتفية مع السلطات الإيطالية، التي ألمحت في البداية أنه من المحتمل أن يكون قد تم إنقاذ القارب، على الرغم من وجود أدلة على عكس ذلك. ولكن في وقت لاحق، قالوا أنهم كانوا تحت ضغط مرتبكين، ولم يكن لديهم القدرة حتى يتمكنوا من التعامل مع القارب المعني. كما اتصلنا آئنذاك بالمنظمات غير الحكومية الضالعة في عمليات البحث واﻹنقاذ (S.A.R NGOs)، لكنها كانت مثقلة بعمليات اﻹنقاذ الجارية, ولم يتمكنوا من متابعة القارب المعني. أما نحن، فلن نتخلى عن أملنا في أن ينجو المسافرون وأن لا يكونوا من بين العدد المتزايد للوفيات الحدودية في أوروبا التي تبلغ حاليا أكثر من ٢٠٠٠ حالة وفاة محسوبة رسميا.
مرة أخرى، نرى كيف أن بعض القوات اﻷوروبية، بينها بعض اﻷصول المملوكة ليونافورميد Eunavfor Med و فرونتكس Frontex، تتعمد اﻹبتعاد عن المناطق المنكوبة بالغة الأهمية، وترك عمليات انقاذ واسعة النطاق لتقوم بها الجهات الفاعلة غير الحكومية. وعلاوة على ذلك، أطلقت فرونتكسFrontex بجانب العديد من السياسيين والمؤسسات الأوروبية حملات غير مسئولة وغير مكترثة بحياة البشر تسعى لتجريم المنظمات غير الحكومية ونزع الشرعية عنها، لمنعها من إجراء عمليات الإنقاذ.
نتوقع أن ينطلق آلاف الأشخاص من ليبيا خلال الأيام والأسابيع القادمة في محاولة لعبور البحر الأبيض المتوسط. فهل ستظل أوروبا ملتزمة ومتمسكة بسياسات اﻹقصاء وترك آلافًا متزايدة من البشر عرضة للموت غرقًا بعد إجبارهم على هذا الطريق البحري غير الآمن من خلال سياساتها الحدودية؟
أخيرًا وليس بآخر، سنظل ندعو إلى حرية الحركة للجميع!